دعاء الكروان
المرة الأولى التي أقرأ فيها لطه حسين ، وعلى الرغم من أن الرواية قد تحولت لعمل فني شاهدته مراراً ولكن ما دفعني لقراءة الرواية أمران
أولهما أني كنت أتمنى أن أقرأ لطه حسين من قبل، وثانيهما أني سمعت أن نهاية الرواية مختلفة عن نهاية الفيلم
الحقيقة أن كتابة طه حسين آسرة ، مفرداته واستخداماته الكثيرة في كل وصف وضده وطريقة تعبيره الرائعة عن مشاعر المرأة كانت أخّاذة ، الحقيقة أيضاً أن المخرج هنري بركات كان بارعاً في استخدام وصف طه حسين لمشاعر البطلة -آمنة- فهو لم يهمل وصفه لحالتها النفسية ولا سيما أثناء هروبها من خالها وعودتها للمكان الذي كانت تعمل فيه من قبل
وكذلك وصفه لتضارب مشاعرها وحواراتها النفسية أثناء وجودها مع المهندس
أما بالنسبة للنهاية
فعلى الرغم من أن النهاية في الفيلم كانت أكثر واقعية ، إلا أني متفقة أيضاً مع النهاية التي كتبها طه حسين وأستطيع تفهمها
الاقتباسات التي أعجبتني ( أعجبتني لغة طه حسين البلاغية جداً ومفرداته) :
❞ يتصل بينهما حديث ولا تثبت عين إحداهما في عين الأخرى، إنما تتفاهمان بالإشارة أو الجمجمة، فإذا التقت أعينهما فما أسرع الإطراق إلى رأسيهما! ❝
❞ ولئن بلغناها ليعلمن الذين جفونا ونفونا أن من العار أن تنفي الأسر نساءها وكرائمها! فالمرأة عورة يجب أن تُستر، وحرمة يجب أن تُرعى، وعرض يجب أن يُصان. ❝
❞ وإنما أخذنا على غرة أخذًا واختطفت هنادي من بيننا اختطافًا، وجسمها يضطرب ويتخبط ودمها ينفجر ولسانها يضطرب ببعض الحديث في فمها، ثم يهدأ الجسم المضطرب، ويسكن اللسان المتحرك ❝
❞ إن الأحلام قد ألحَّت عليه، فهي تروِّعني فيه ترويعًا متصلًا ليس إلى انقطاعه من سبيل. ❝
❞ وأي قلب لا يخاف على فتاة غرة لم تتجاوز الصبا تسعى وحدها في الطريق العامة إلى غير غاية، وقد صحبها الفقر والحاجة والضعف وحداثة السن وشيء من جمال يغري بها كل غوي، ويطمع فيها كل مفسد، وما أكثر الغواة والمفسدين في هذه الطريق العامة التي تستقيم وتلتوي بين قرى الريف❝
❞ رددت عليهم آمنة التي رأت الشر بشعًا والإثم عريان والجرم منكرًا، فملأت نفسها من هذا كله وإذا هي سيئة الظن بكل إنسان، وإذا هي شديدة الإشفاق من كل شيء ومن كل إنسان، وإذا هي عابسة للنهار إذا أشرق عابسة للَّيل إذا أظلم، وقد اتخذت لنفسها من ظلمة الليل الحالكة ثوبًا كثيفًا ضافيًا فأسبغته عليها إسباغًا وحالت به بينها وبين كل نور وأمل وابتهاج وابتسام. ❝
❞ لقد كان بالقياس إليها كل شيء، ولم تكن هي بالقياس إليه شيئًا. لم تعرف غيره وعرف هو غيرها كثيرات. لم تذق لذة الحياة إلا بين ذراعيه، وما أكثر المواطن التي ذاق هو فيها لذات الحياة! ❝
❞ وقد لطفت حركاته حتى لم يبق للامتناع عليها سبيل. ❝
❞ وزعمت لها أني إنما خرجت من بيت المأمور في إثر مغاضبة كانت بيني وبين الخدم، ثم لم أظفر بما كنت أراني أهلًا له من الإنصاف، ❝
❞ لا بد إذن من بعض الشر، ولا بد من أن أمكر حتى أُقصى عن هذه الدار، ومن أن أكيد حتى تُقصى سكينة عن بيت المهندس الشاب، وما أسهل المكر حين تتهيأ له النفس! وما أيسر الكيد حين يطمئن إليه الضمير! ومتى عجزت المرأة عن أن تبلغ من المكر والكيد ما تريد؟! لن أجد في تحقيق ما أريد جهدًا ولا مشقة إذا رضيت نفسي ما لا بد من أن ترضاه من الشر، واستباحت ما لم تكن تستبيحه من الإساءة والإيذاء. ❝
❞ وأقبل سيدي الجديد عليَّ مبتسمًا راضيًا يحدق النظر في وجهي تحديقًا طويلًا، ثم يفصل النظر إلى جسمي كله تفصيلًا، كأنه يمتحن متاعًا يريد أن يشتريه.ولو قد استطاع لنهض إليَّ فاختبرني اختبارًا وتعرفني باللمس، ولكنه كان فيما يظهر قد احتفظ لنفسه ببقية من حياء❝
❞ ولكني ملكت أمري وملك هو من أمر نفسه ما جعل المعركة الأولى مقدمة لا خاتمة، وما أجل الفصل في هذه الخصومة إلى أجل ظنه قريبًا ورأيته بعيدًا. وقد انصرفت عنه بعد أن أعنته على بعض أمره وهيأت له ما يحتاج إليه، وتركته كاسف البال يظهر الرضا والابتهاج، وهو يقول: لا بأس! إنك في حاجة إلى التربية والتمرين. ❝
❞ فلا أكاد أدخل عليه حتى ترتفع إليَّ عيناه وقد ملأتهما عواطف شديدة الاختلاف، ومعانٍ عظيمة التناقض، فيها الحب وفيها البغض، فيها الأمل وفيها اليأس، فيها الوعيد وفيها الخوف، فيها الشهوة وفيها الزهد، فيها القرب وفيها البعد. وأنا أرى هذا وأحسه وأفهمه، ولكن؛ يا لقوة النساء! ❝
❞ فسيدي لا يطلب عندي الآن حبًّا ولا لذة ولا إثمًا، وإنما يطلب إليَّ خضوعًا وإذعانًا واستسلامًا. هو يريد أن ينتصر لا أن ينعم. ومن يدري! لعله إنما يؤجل إقصائي عن داره حتى يتم له النصر، ويتحقق له الفوز، فيخرجني ذليلة صاغرة قد آمنت له وأذعنت لسلطانه! ❝
❞ ولم أتمثل إلا عدوًّا يريد أن يقهرني، ولا بد من أن أقهره، وسيدًا يريد أن يبسط سلطانه عليَّ، ولا بد أن أبسط سلطاني عليه ❝
❞ ثم لا يتصل اللقاء بيننا حتى يستحيل الابتسام إلى عبوس، والرضا إلى سخط، وإذا هو يدعو فآبى، ويلح في الدعاء فألح في الإباء، ويغري فأرتفع عن الإغراء، وينذر فأستخف بالنذير، ويستعطف فأقسو على الاستعطاف. ❝
❞ ولولا أن أشق على مولاي وأكلفه ما لا يتكلف السادة للخدم لعرضت عليه أن يضعني في القطار وأن يرسلني إلى أي مدينة شاء، فإني لا أبتغي إلا أن أعيش، في حيث آمن على شرفي هذا الذي لم يذهب، وعلى عفافي هذا الذي لم يضع، وإن ظن سيدي بي الظنون. ❝
❞ وما أكثر ما دعاني إلى الجلوس وما أشد ما كنت أتمنى الجلوس! ❝
❞ إن العبء لأثقل من أن تحمليه وحدك، وإن العبء لأثقل من أن أحمله وحدي، فلنحتمل شقاءنا معًا حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا. ❝
رواية #دعاء_الكروان رواية جميلة أوصي بقراءتها
#لبنى_الحو
شارك المقال على :