ميت مطلوب للشهادة- د. سمر عبد العظيم

يبدو أني سأضيف كتاباً جديداً في قائمة ” من أفضل ما قرأت” ، أحب الكتب التي تساعدني في التفكير والبحث ، تحرك مشاعري وتطربني بلغتها الرفيعة 

لم أكن أتصور أني قد أقرأ كتاباً يحوي مجموعة قصصية عن الطب الشرعي لعدة أسباب

أولها أني لست مغرمة بقراءة روايات العنف أو الدم أو الرعب أو الحوادث.. فلم قد يعجبني كتاباً عن قصص للطب الشرعي مستوحاه من أحداث حقيقية ؟ هذا ما ظننته

بدايةً أكثر ما جذب انتباهي خلال قراءة الكتاب في بدايته وعند المقدمة : لغة الكاتبة، حقيقي اللغة رائعة أسرتني بتشبيهاتها ، لغة مُعبرة عن الواقع وبليغة حقاً كانت حافزاً لي لأستمتع بالقراءة

الكاتبة طبيبة شرعية 
القصص المذكورة مستوحاه من أحداث حقيقية، أعجبني بها أنها ليست بالطويلة المملة ولا القصيرة بالقدر الذي يبخس حقها، قبل بداية كل رواية تقوم الكاتبة بوضع اقتباس لقول أحد مشاهير الطب الشرعي وكل الاقتباسات حقيقي رائعة ثم تبدأ كل رواية بحوار ” الميت” وهو يروي قصة وفاته ، تمتاز بعض القصص بالغموض اللطيف، لأنها تشكك في القاتل الحقيقي حتى تصل إلى نهاية الرواية فتعرف بنفسك حقيقة الحدث، ثم يعقب كل نهاية قصة علامات مميزة تساعد في الطب الشرعي ، على سبيل المثال بقعة الدم، الخنق، الانتحار… وغيرهم من أدلة لو رآها الطبيب يحدد بسهولة كيف قُتل أو مات المجني عليه ، وتفاجئت بالكثير من المعلومات التي لم أكن أعلمها في هذا العالم الغامض

يتباين الموتى بين زوجة مخدوعة، رجل شهيد، وطني جريء، ابن لأب مكلوم .. تتعاطف مع بعضهم، وتشعر بإستحقاق القتل للبعض الآخر وكأنك قاض تقاضيه في قصته التي يرويها 

في بداية قراءتي للقصص، قلت لنفسي سوف أسجل أسماء القصص التي تعجبني، ولكني وجدت نفسي أسجل أسماء القصص كلها ، لذلك سوف أكتفي بكتابة بعض الاقتباسات التي أعجبتن

❞ إن كنت تعرف لغة إضافية فمُخّك له تركيبة خاصة، وكلما زادت معارفك اللغوية تمكَّنت من فعل ما لا يفعله غيرك. ❝

❞ فكل موت فاجعة حتى وإن كان الميت مجرمًا عتيدًا. ❝

❞ لكل ميت هالة، وأن الشعور يختلف في دار التشريح مع كل ميت، حتى إنك تكاد تجزم أن الحائط يتلوَّن بلون مغاير مع كل حالة❝

❞ في الطب الشرعي اعلم أنه لا يوجد مستحيل، ولا يوجد تأكيد، ولا يوجد نفي مطلق.. يوجد فقط إعمال عقل وتفهُّم مشاعر الميت؛ لتعرف ما جعل المُحَال ممكنًا. ❝

❞ حين يرى الطبيب الشرعي آثار أصابع على الرقبة فإنه يعلم دون شك أن هذا قتل تابع لفورة عاطفية ما.. ❝

❞ فانجرفتُ وسط الجموع أنادي على حرية لا أفهم معناها.

ولا أدري إن كانت تستحقُّ الثمن الذي دفعته فيها.. حياتي.. ❝

❞ امتلكتُ المنزل والسيارة وفقدت معهما احترام نفسي.. لكني كما كنت أقول دومًا: «للفقر رائحة عفنة لا يستوي معها أي احترام». ❝

❞ فأمي كانت نقطة الندى الوحيدة التي كانت لا تستحي أن تبلل جبين أبي.. وكان هو الآخر ليّنًا معها وحدها.. وكأنه كان لها «شريف بيه» آخر غير الذي كان يراه سائر الخلق.. ❝

❞ في مرحلة مبكرة جدًّا من التكوين إذا كان الطفل يتعرض للإيذاء ولا يجد من يتصدّى له فإنه أحيانًا يلجأ إلى إيجاد شخصية عادةً ما تكون أكثر قوةً منه تستطيع أن تدافع عنه أو تدفع عنه الأذى. ❝

❞ العلاقة بين الطبيب الشرعي والمجني عليه ليست علاقة من طرف واحد.. إنما هي علاقة تواصل يتبادل فيها الطرفان الحوار، وينتج عنها جلاء البصر لكلا الطرفين. ❝

❞ «الناسُ نيامٌ فإذا ماتُوا انتبَهوا» ❝

ذكّرني هذا الكتاب بزيارتي لمتحف الحضارة وما حواه من مومياوات مع ذكر السبب التشريحي لوفاة كل منهم، فمنهم من مات بمرض جلدي، أو مرض وبائي أو قتل بإصابة في جبهته، أو بمرض شلل أطفال  

أتمنى من الكاتبة أن تفكر في عمل كتاب تاريخي/طبي مثيل يتناول حياة المومياوات وأسباب وفاتهم / قتلهم بنفس أسلوب هذا الكتاب 

كتاب #ميت_مطلوب_للشهادة كتاب رائع أوصي بقرائته 

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *