في عام ٢٠١١ منّ الله عليّ بالحج، وكانت المره الأولى لي لزياره بيته الحرام وبعد الانتهاء من مناسك الحج ذهبنا للمدينه المنوره الشريفه المحببه إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم 
الجميع يقول أن المدينه بلد جميل وروحانياته عاليه والإقامه به رائعه، يؤسفني بأني لم أشعر بذلك، وأحزن لأن شعوري كان مختلفاً عن الجميع 
طيله أيام الحج وتيسيراً على نفسي في الوضوء كنت أصطحب معي زجاجه ماء أشرب منها وأتوضأ منها في مكاني بالحرم إن احتجت وذلك لأننا كنا نقضي أوقاتاً طويله بالحرم المكي والمدني، و يصعب الذهاب للحمامات الخارجيه بسبب الزحام الشديد، فكنت أُخرج الزجاجة و أنا في الحرم و أتوضأ مع حرصي الشديد على أن يغطي الماء كل أعضاء الوضوء المفروضه، وداومت على ذلك بالحرم المكي والنبوي
وفي أحد الأيام بالحرم النبوي صلينا الفجر ثم جلسنا في انتظار دخول الروضه الشريفه و الجلوس لذكر الله حتى الضحى، وماإن أخرجت زجاجة الماء الخاصه بي لأعيد الوضوء حتى ظهرت لي امرأه ودخلت علىّ معنفهً إياي ” هذا ليس بوضوء!” دخولها أفزعني وأربكني حتى أن زجاجة الماء وقعت من بين يديّ وانسكب بعض الماء على سجاد الحرم الشريف، فالتقطتها بسرعه، فأعطاها ذلك فرصهً أكبر في توبيخي، وتمادت في تأنيبي ” أترين ماذا فعلتِ؟ لقد سكبت الماء وهذا ليس بوضوء، اخرجي الآن من الحرم واذهبي للحمامات الخارجيه وأعيدي وضوءك” فماذا كان ردي أنا؟ لم أنبس ببنت شفه!
نعم أنا من يرد على الجميع وأناقش وأجادل لم أحرك ساكناً! لا أعلم لماذا، ربما لأنني كنت مرهقه وأريد النوم؟!
ربما لأني كنت في الحرم النبوي وعلى وشك دخول الروضه الشريفه فتذكرت قول الله تعالى ” لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ “، ربما لأني كنت طيله فتره الحج حريصه على ترك الجدال حتى لا أفقد حجّتي، كنت أماً موجوعه لفراق أبنائي ومشتاقه لهم فخارت قوايّ في أن أجادل، فخرجت من الحرم سريعاً ولا لم أذهب لأجدد وضوئي، خرجت وأنا أبكي و أرتعش، من فرط الإحراج، من فرط الحزن، من فرط الوجع، لا أدري، ولكني لم أعد إلى الحرم، لم أدخل الروضة الشريفه يومها ولم أذكر ربي حتى صلاه الضحى! 
هجوميهً أنتِ يا سيدتي في حوارك، أنا لا أعرفك، لا أعرف بلدك ولا اسمك وربما لا أتذكر شكلك، وإذا رأيتك ربما لا أعرفك، ولكنك أوجعتني!! أوجعتني لدرجة أنني الآن وبعد مرور ما يقرب من سبع سنوات وحتى كتابه تلك الكلمات أبكي وأنتفض من داخلي، ربما تبدو القصه بسيطه لأحدهم ولكنني أتألم حتى الآن كلما أتذكرها! ويؤلمني أكثر شعوري بعدم مسامحتي لكِ حتى الآن، وأنكِ كنتِ سبباً لإخراجي من الحرم بهذه الصوره.. أنا التي لا تحمل شيئاً في صدرها لأحد وأنام وأنا لا أشعر بضغينه أو حزن تجاه أي شخص مر بحياتي، لا أستطيع أن أسامح امرأه لا تربطني بها أي صله! 
جارحه هي الكلمات التي تخرج من أفواهنا دون أن نفكر بها، ولعلها لو قيلت لنا في موقف مختلف تقبلناها بصدر رحب، ولكنها قُذفت في وجوهنا في زمان مختلف وموقف غير كل المواقف فتركت أثراً دامياً.. نعم أعلم أني سأسامحك يوم اللقاء أمام الرحمن، نعم سنلتقي يومها لأقتصّ منكِ، ولكني أعلم تمام العلم أني سأعفو عنكِ. فما بال قلبي لا يقدر على العفو الآن والصفح عما بدر منكِ؟ ومال دموعي لا تتوقف حين أحكي الموقف؟ ومال قلبي لا يكف عن الخفقان؟ لعلها الذكرى كلما تحدث أمامي أحدهم بالمدينه و زياره المدينه وجمال المدينه، فلا يقفز في ذهني غير ذلك اللقاء الحزين! فيرهقني عدم الإحساس بما يقولون.
أعتذر منكِ وأدعو الله أن يعفو عنكِ، لعل عفوه عنكِ يلملم قلبي ويضمد جراحي.

موضوعات ذات صلة

  • لا تخاصم إبنك

    لا تخاصم إبنك ففيه سيدات كثير بتيجي تشتكي إن زوجها ممكن لما يختلفوا يفضل مقاطعها بالأسابيع عارفين ده بسبب إيه ؟الزوج ده وهو طفل كانت أمه / أبوه لما بيغلط يخاصموه فترات طويلة ممكن يتخللها جفاء في التعامل واحدة صاحبتي كانت بتشتكيلي من إبنها إنه نتيجة المدرسة عنده مكانتش حلوة مع ان الولد متفوق، وفي نص…

  • لسبب ما أحب الإضاءات الخافتة

    لسبب ما أحب الإضاءات الخافتة لسبب ماأحب الإضاءات الخافتة و ضوء النهار أبقي الأضواء القوية مطفئة حتى قرب المغربأنزعج بشدة إذا أوقد أحدهم الضوء صباحاًمتعللة ب ” نور ربنا” أنزعج أيضاً إذا جائتني إبنتي ليلاً تريد أن تريني شيئافتسألني ” هل من الممكن أن أوقد الإضاءة القوية؟”فأسارع بالرفض فزعاً وأكتفي بضوء مصباح خفيض بجواري يسمونها…

  • الغريب يطرق الباب

    الغريب يطرق الباب جلست وحيدة بالمنزل بعد يوم طويل متعب ، استعددت للنوم، مارست كل طقوس النوم لعلي أنام اليوم نوماً هادئاً بدون قلق أو عقاقير، وفجأة وقبل خلودي للنوم وجدت طرقات عنيفة على باب غرفتي ، انخلع قلبي، أنا وحدي بالمنزل فمن الطارق؟ وكيف له أن يعبر من باب الشقة ثم يطرق باب غرفتي…

  • وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ

    وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ نصيحة غالية سمعتها من معلمة السيرة منذ عدة سنوات  قالت لي :إن وجدتِ نفسك جالسة وفجأة بدون سابق إنذار تذكرتِ موقفاً حدث منذ فترة طويلة بينك وبين شخص ما ، وقد انتهى الموقف وحدث وقتها تصالحثم عدتِ تتذكرين الموقف فجأة ، وشعرتِ بالضيق ، فاعلمي جيداً أن الشيطان هو من…

  • تقدير الذات والثقة بالنفس

    تقدير الذات والثقة بالنفس كنت أقرأ في كتاب ” هدايا الألم“ في فصل ” ألم عدم التقدير“ لطارق وفاءسعدت كثيراً بالتعرف على الفرق بين تقدير الذات والثقة بالنفستقديرك لذاتك يكون بدون سبب محدد ، بمعنى أني أقدر نفسي فقط لأنها نفس بشرية من خلق الله عز وجل ، وقال الكاتب أني لا يجب عليّ ربط…

  • قهر الرجال

    قهر الرجال رأته يقف بعيداً وهي خارجة إلى محبسها لا تعلم مصيرهاقد تُسجن عده أعوام ظلماًقد لا تراه ولا تشتمّ عطره لسنواتكانت مقيدة اليدينممسكٌ بذراعها عسكريٌ ضخم الجثه يأبى أن يُفلت ذراعها من قبضتهبمجرد خروجها تلاقت أعينهمارأت الانكسار في عينيه، دموع الحزن تملؤها بل دموع عجزه كرجل أن ينقذ حبيبتهأسرعت نحوه مفلتهُُ قبضة العسكريفتحت ذراعيها المقيدتين…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *