ذكريات تدريس الطبخ في المدرسة

أتذكر أول عام قمت بتدريس ” الطبخ” في مدرسه أبنائي-وكان ذلك منذ ثلاثه أعوام دراسيه- كنت حديثه عهد بالتدريس، جائتني إحدى الأمهات تسألني عن حال إبنتها معي، وكنت أعاني من إبنتها إذ كانت أحياناً لا تستمع لكلامي وتأخذ قطعاً من العجين لتأكلها نيئةً أو تختلس قطعه من العجين لتدورها بين إصبعيها لتكون عجينه متماسكه صغيره تلعب بها، فما لَبَثَت أن سألتني أمها عنها ( وكانت وحدها والإبنه ليست معها) حتى اشتكيت للأم من سلوك ابنتها موضحهً لها أني أخاف من تأثير أكل العجين النيء على صحتها، تفهمت السيده موقفي وشعرت ربما بالخجل من إبنتها بسبب ذلك الموقف
والآن بعد حوالي عامين من هذا الموقف أشعر بالخجل من نفسي عندما أتذكره! بئس المعلمه أنا ! ماذا توقعت من طفله تأتي لتلهو وتلعب بعيداً عن جو التعلم المشحون طوال اليوم؟ طفله تلهو بالعجين، هل أكلت نصفه كي أثور؟ ماحجم تأثري عملياً بفقدان كرة صغيرة من العجين لم تتجاوز عقله الأصبع؟ أحْزنت الأم التي بدورها لابد وأن شددت على إبنتها بل ووبختها على فعلها، أتمنى لو يعود بي الزمن لأعتذر من الصغيره على إفسادي ليومها بحماقتي!
معي هذا العام أولاد مزعجون أيضاً، نعم… بعض الشيء، كلما قابلت أحدهم في إحتفال ما بالمدرسه يركضون إلى أمهاتهم ليعرفوهن علىّ، تأتي الأم لتسألني على إبنها الذي يُطيّر عقلي بالدرس، ولكني أبتسم وأثني عليه ولا أذكر شيئاً مما أعانيه معه، تكفيني إبتسامته وسعادته بي عند رؤيته، يجري إليّ بمجرد رؤيتي من بعيد والإبتسامه مليء فاه ” ماذا سنطبخ اليوم؟”، وبالدرس يحوطني بيديه الصغيرتين حول خصري ليحتضني، أو أجد كفه الصغير بداخل كم قميصي، لابد وأنه يشعر بالقرب مني حتى يقدم على هذا الفعل!
أدعو الله أن يجعلني ذكرى سعيده في طفولتهم وأن يمحي لي كل ذكرى سيئه مرت معهم
