رحلة حسن أفندي توفيق العدل

تقييمي للكتاب ٧/١٠
كتاب جميل كتبه رجل أزهري، تاريخ كتابه هذا الكتاب في القرن التاسع عشر، يمكن تصنيفه من ضمن أدب الرحلات
يبهرك الكاتب ليس فقط بفهمه المستنير للدين والذي نفتقده نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، ولكن أيضاً بسبب ما يعكسه الكتاب من تقدم و ثقافه مصر التي كانت تُصدِّر العلم آنذاك
الكاتب رجل أزهريّ ولد بالإسكندرية، حصل على أربع إجازات وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، برع في علم النحو وقد رأى أن الدراسة الأزهريه وحدها غير كافيه لثقافه العصر فعني بدراسه الجغرافيا والرياضه والتاريخ واللغه الفرنسية، ثم التحق بكليه العلوم وأتم دراسته بها بعد الأزهر، ونظراً لتنوع ثقافته تم إختياره من قبل نظاره المعارف لكي يسافر إلى ألمانيا معلماً للغه العربيه وآدابها في جامعه برلين فحرص ” حسن العدل” على تعلم الألمانيه في أقل من سته أشهر، ثم تبع رحلته إلى ألمانيا بأخرى إلى سويسرا، فسجل مشاهداته للرحلتين في هذا الكتاب
ومن المبهر أنه توفي صغيراً في السن كبيراً في الأثر ( لم يكمل الثانيه والأربعين من عمره) لدرجه أن أحد الصحف نشرت نص خطاب الأستاذ براون أستاذ بجامعه كامبردج ( حيث انتُدب إلى انجلترا) إلى مفتي الديار المصرية ينعي فيه موت الشيخ حسن العدل مشيراً إلى أن الفقيد قد صلى عليه أصدقاؤه ومحبوه من المصريين والأتراك والهنود وغيرهم وقد غُسل وكفن وفقاً للشريعه الإسلامية وقرأ عليه القرآن مستشار السفاره العثمانيه في لندن، فقال الدكتور براون ” لقد اهتزت جوانب الجامعه من هول الصدمه، وحزن عليه كل من عرفه من الإنجليز والهنود والأتراك وموته يعد خساره للعلم والإنسانية “
ومما أعجبني بالكتاب :
1. تكلم عن مدينته الإسكندرية وأوجز بطريقه جذابه حواره عن الاسكندر الأكبر وتوليه حكم البلاد ووصايا معلمه ” أرسطو” له
2. حواره عن تربيه الأبناء كان راقياً ولا تتوقع أنه يصدر من أزهريّ أو عالم دين في القرن التاسع عشر! ومنها ” تنبيهات تقولها لولدك، لا تكن كثير المزاح، كثير الضحك و إياك من أن تعنف أحداً بكلمه خبيثه كأن تقول له إنك كذاب وإياك من المعانده في الحق، ولا تقطع حديث غيرك وإياك أن تفشي سر أحد، لا تحول ظهرك للآخرين، ولا تمدن عينيك إلى محاسن ملابسهم ولا تمدد رجليك أمامهم”
3. حديثه عن بعض الناقلين للعلم دون وعي كالسابقين كقوله “… إلى أن أتى على الإنسان حينٌ ماتت فيه القائمون بهدي الناس إلى الحكمه الإلهية وجاء من بعدهم قوم حفظوا الدين حفظاً عن ظهر قلب غير عالمين بأسراره ( ومامثلهم إلا كمثل دواليب الكتب التي تحفظ أسفاراً لا تجد مطالعاً ولا مستفيداً) وخلطوا الحكم المعقوله بما لا يعقل فأنفت العامه والخاصه منهم، وبذلك عم الجهل في الناس بدروس الأحكام”
4. ومن قوله ” ثم حذار حذار من إغفال أمر التربيه الدينيه، والتربيه التي تكون غير مشوبه بالدين عديمه الدوام بما أنها أثر يزول لأول عارض بمجرد زوال الأثر وهو السلطه الظاهرية “
5. حديثه عن الآثار الفرعونيه كان راقياً
6. على الرغم من أنه أقام بالعديد من الدول الأوروبيه إلى أنه كان حريصاً على ارتداء الزي الأزهري في كل بلد أوروبي يعمل به
ومما لم يعجبني بالكتاب:
1. استخدام دار النشر لخط الرقعه للكتاب كله كان إختياراً غير موفقاً، غير مريحاً لعين القاريء
2. استخدام الكاتب ” حسن العدل” لفظ ” ولي النعم الخديوي المعظم، مليك العصر وعزيز مصر ” للحديث عن الخديوي محمد توفيق باشا الأول وهو الحاكم آنذاك، لم يريحني ولم أستسيغ لفظ ” ولي النعم” غير أني سألت عن جواز استخدام هذا اللفظ دينيا وقيل لي أنه جائز ولكنه لم يعجبني وشعرت فيه بالتفخيم الزائد عن الحد
3. حديثه عن تاريخ ألمانيا والبرنس بسمارك وزير الإمبراطورية الألمانيه كان طويلاً ومملاً من وجهه نظري
ولكن بصوره عامه الكتاب جميل وأجواؤه لطيفه ![]()
كتاب ” رحله حسن أفندي توفيق العدل” كتاب جميل أوصي بقرائته
