محمد الفاتح

من كتاب عشر رسائل لكل أب وأم لل د. ياسر نصر :
من أجمل ماقرأت بالكتاب قصه محمد الفاتح ( فاتح القسطنطينيه) ومواقف من حياته مع والديه لإبراز دورهما في تنشئته تنشئه دينيه وتربويه
لذلك أحببت أن أفرد بوست منفصل عن ريڤيو الكتاب لشخصية محمد الفاتح.
*********************
الغريب أن محمد الفاتح لم يكن القائد الذي يتم إعداده لفتح القسطنطينية بل إن أخاه علاء الدين ( الأخ الأكبر) هو من كان يتم إعداده لتلك المهمه العظيمة إلا أن الأقدار قد شاءت أن يُستشهد علاء الدين الذي ولاه أبوه ولايه الجند وسنه ١٥ سنه، وقد استشهد علاء الدين وعمره ٢١ سنه وكان عمر محمد الفاتح وقتها ١٣ سنه.
وقد كانت تلك الفاجعه سبباً في اعتزال مراد الثاني ( والد محمد الفاتح) الحكم مما آل بالأمور إلى ابنه محمد الفاتح.
وكان محمد الفاتح منذ الصغر قد عُرف عنه عده صفات جعلت معلميه ينفرون منه مثل العند والترف والمشاكسه، فبحث مراد الثاني عمن يستطيع أن يهذب من شخصيه محمد الفاتح فلم يجد إلا أحمد بن إسماعيل القرني والذي استدعاه مراد الثاني من مشارق آسيا الصغرى لتأديب ابنه، وقال له الأب حين حضر: احمل عصاك وافعل ما بدا لك.
ولما رأت الأم المعلم قالت له ؛: أعطاك السلطان عصا، قال لها : نعم، فقالت : وأنا أعطيك حزمه من العصى بشرط ألا تخرج من هذه الغرفه إلا وقد ابتدأت في طريق الله.
وما أن دخل أحمد بن إسماعيل على محمد الفاتح حتى شعر محمد الفاتح برعشه شديده حين رأى معلمه الجديد وكان عمره قتها تسع سنوات.
ولما سأل محمد الفاتح أحمد بن اسماعيل : من أنت؟ قال : مرببك الجديد، قال محمد بسخريه: مربيّ! فقال أحمد : نعم سأربيك إما بالأدب وإما بالعصا..
فقال له محمد: أو تضرب ابن السلطان؟ فقال أحمد: نعم أعطاني والدك العصا لذلك، فأكثر محمد على معلمه فقام أحمد بن إسماعيل بضربه فاستغاث محمد بوالده الذي أراد أن يدخل فقالت له زوجته: دعه حتى يؤدبه.
وكان من فضل هذا المعلم على محمد الفاتح أن جعله يحفظ القرآن كاملاً في عام ونصف.
لقد كان أحمد بن إسماعيل من العلماء المخلصين المجاهدين فكان لا يقوم لسلطان ولا يقبل يديه ولا ينحني أمامه.
وحين كان أحمد بن إسماعيل في منصب قاضي القضاه حدث أمر من السلطان فيه مخالفه للشرع فما كان من هذا العالم الجليل إلا أن مزق أمر السلطان، فقيل له : تمزق أمر السلطان؟ ألا تخشاه؟ فقال: وأنت ياهذا ألا تخشى الله؟
لقد تعلم محمد الفاتح على يد أحمد بن إسماعيل علوم اللغه والشريعه واعتاد منذ بلغ العاشره أن يستيقظ لقيام الليل مع أستاذه ولا يُسمح له بأي حال أن ينام أو يتخلف عن القيام.
وقد حدث ذات مره أن غفا محمد الفاتح وهو في الصلاه فما كان من أستاذه إلا أن جاء بطست من الماء البارد وكان الجو بارداً فأغرقه به حتى وصل محمد الفاتح إلى أن يستهين بكل الملذات وأن يستعذب الوقوف بين يدي الله عز وجل ومناجاته سبحانه وتعالى.
وكانت أم محمد الفاتح أول من حمله ووضعه على فرس وعمره وقتها ثلاث سنوات حتى صار أفضل بني عصره في القفز على الحواجز، كما أنها أول من جعله يحمل سلاح، وهي التي زرعت في عقله ونفسه أمنيه أن يكون فاتحاً القسطنطينية حيث أنها أمرت مهندسين ببناء ما يشبه مدينه القسطنطينية في ساحه البيت حتى تكون لعبه محمد الفاتح مع الأولاد.
لقد كانت الأم تستخدم القصص كي تثبت في روح إبنها التضحيه والجهاد وتذليل الصعاب، فكانت تحكي له عن المظفر قطز وصلاح الدين الأيوبي ونور الدين محمود وعماد الدين زنكي وغيرهم من قاده الفتوحات الإسلامية.
وحين اعتزل مراد الثاني شئون الحكم ودخل خلوته وكان الجيش العثماني يواجه حرباً صليبيه شديده، أرسل محمد الفاتح لأبيه رساله: “ًإنك إن كنت أنت السلطان فتعال وتول مهامك وإن كنت ترى أني أنا السلطان فآمرك أن تحضر الآن فتقود أنت الجيوش” ، فقال الأب : نعمَ اخترت فخرج مراد الثاني وقاد الجيوش وانتصر المسلمون.
يروى أن محمد الفاتح لما أراد فتح القسطنطينية قيل له: لن تستطيع فتحها، وكيف تفتحها وقد فشل المسلمون في ذلك طيله قرون؟ فقال كلمته الخالده: ” والله سأفتحها أو يكون لي قبر فيها”
لقد مات مراد الثاني وعمره آنذاك ٤٧ سنه وحين حضرته الوفاه وصى ابنه محمداً : “العمر قصير والجنه غاليه فالحق بي وبأخيك علاء الدين ولا تتخلف”

تعليق واحد